فصل: أبواب الهدايا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[8/64] باب طواف الوداع وما جاء من الرخصة للحائض في تركه

3327 - عن ابن عباس قال: «كان الناس ينصرفون من كل وجه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه وفي رواية: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض» متفق عليه، وفي رواية لأبي داود: «حتى يكون آخر عهدهم الطواف بالبيت».
3328 - وعنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف بالبيت إذا كانت قد طافت طواف الإفاضة» رواه أحمد.
3329 - وعن عائشة قالت: «حاضت صفية بنت حَيَيّ بعد ما أفاضت قالت فذكرت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك فقال: أحابستنا هي؟ قلت: يا رسول الله! إنها قد أفاضت وطافت بالبيت، ثم حاضت بعد الإفاضة، قال: فلتنفر إذًا» متفق عليه وله طرق وألفاظ.
3330 - وعن ابن عمر قال: «من حج البيت فليكن آخر عهده بالبيت إلا الحُيّض رخص لهن النبي - صلى الله عليه وسلم -» أخرجه الترمذي وقال:حسن صحيح، وصححه الحاكم.
3331 - وعن أم سلمة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو بمكة وأراد الخروج ولم تكن أم سلمة طافت بالبيت وأرادت الخروج، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون ففعلت ذلك ولم تصل حتى خرجت» أخرجاه وقد تقدم في الحيض حكم المرأة إذا حاضت أو نفست في الحج في باب ما جاء أن الحائض والنفساء تفعل مناسك الحج كلها غير أن لا تطوف بالبيت.

.[8/65] باب ما جاء أن من خرج حاجًا أو معتمرًا فمات كتب له أجر الحاج أو المعتمر

3332 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من خرج حاجًا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمرًا فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة» رواه أبو يعلى من رواية محمد بن إسحاق وبقية إسناده ثقات، ومحمد بن إسحاق قال في "الكاشف": حديثه فوق الحسن وقد صححه جماعة، وقال في "المغني": محمد بن إسحاق صدوق قوي الحديث إمام لا سيما في السير، وقال في "التقريب": صدوق وسيأتي هذا الحديث في كتاب الجهاد.

.[8/66] باب ما يقول من قدم من حج أو غيره أو أراد سفرًا وما جاء في توديع المسافر

3333 - عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده» متفق عليه، ولمسلم: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قفل من الجيوش أو السرايا أو الحج أو العمرة، أو أوفى على ثنية أو فَدْفَد كبر ثلاثًا» وفي رواية: مرتين، وأخرجه "الموطأ" وأبو داود وفي رواية الترمذي عِوَض: «ساجدون، سائحون» وقال: حسن صحيح.
3334 - وعن أبي موسى قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيها الناس أَرْبِعوا على أنفسكم إنكم ليس تدعون أصمّ ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا وهو معكم» أخرجاه، وأخرجه الترمذي بلفظ: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزاة فلما قفلنا أشرفنا على المدينة فكبر الناس تكبيرة رفعوا بها أصواتهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن ربكم تبارك وتعالى ليس بأصم ولا غائب هو بينكم وبين رحالكم» وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، ولأبي داود معناه.
3335 - وعن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفر حمد الله تعالى وسبح وكبر ثلاثًا ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إني أسألك في سفرنا هذا البِّر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا واطو لنا بعد الأرض، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في الأهل والمال وإذا رجع قالهن وزاد فيهن آيبون تائبون عابدون لربنا ساجدون» رواه مسلم والترمذي بعد قوله: «في الأهل، اللهم أصحِبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا وكان يقول إذا رجع إلى أهله آيبون إن شاء الله تائبون عابدون لربنا حامدون».
3336 - وعن عبد الله بن سَرْجِس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر يتعوذ من وعثاء السفر وكآبة المنقلب ومن الحَوْر بعد الكَوْر ودعوة المظلوم وسوء المنظر في الأهل والمال» ومن الرواة من قال في أوله: «اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر» رواه مسلم والنسائي، وفي رواية الترمذي وقال: حسن صحيح «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر يقول: اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر».
3337 - وعن علي رضي الله عنه: «أنه لما وضع رجله على الركاب قال: باسم الله فلما استوى على ظهرها قال: الحمد لله سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا منقلبون ثم قال: الحمد لله ثلاث مرات ثم قال: الله أكبر ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي أنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك فقال يا أمير المؤمنين مم ضحكك؟ قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنع كما صنعت ثم ضحك فقلت من أي شيء ضحكت يا رسول الله؟ قال: إن ربك يعجب من عبده إذا قال اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب غيرك» أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب ولأبي داود: «يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري» وكذا في نسخة من الترمذي وقال: حسن صحيح.
3338 - وعن أنس قال: «جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أريد السفر فزودني، قال: زودك الله التقوى: قال: زدني، قال: وغفر لك ذنبك، قال: زدني بأبي أنت وأمي؟ قال: ويسر لك الخير حيثما كنت» أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب وفي نسخة حسن صحيح.
3339 - وعن أبي هريرة: «أن رجلًا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني أريد السفر فأوصني؟ قال: عليك بتقوى الله والتكبير على كل شَرِف، فلما ولَّى الرجل قال: اللهم اطو له البعيد وهون عليه السفر» رواه الترمذي وقال: حسن غريب.
3340 - وعن ابن عمر: «قال لرجل أراد السفر هلم أودعك كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يودعنا، أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، قل قبلت ورضيت فقال الرجل: قبلت ورضيت ثم قال: قل مثلما قلت لك ففعل» رواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب، وفي رواية له: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ودع رجلًا أخذ بيده فلا يدعها حتى يكون الرجل هو الذي يدع يد النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: أستودع الله دينك وأمانتك وآخر عملك»، وقال الترمذي: غريب.
3341 - وعن خولة بنت حكيم قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من نزل منزلًا ثم قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله» رواه مسلم و"الموطأ" والترمذي وصححه.
قوله: «شرف البيدا» الشرف ما ارتفع من الأرض.
قوله: «هلم» يعني تعال وأقبل.
قوله: «آيبون» آب يئوب إذا رجع والسرايا جمع سرية وهي طائفة من العسكر ينفذ في الغزو.
قوله: «أوفى على ثنية» أي: أشرف وأطلع، والثنية المرتفع من الأرض كالنشز الرابية، وهي العقبة في الجبل، وقيل: طريق بين جبلين، فدفد هي الأرض المستوية «مقرنين» أي: مقتدرين عليه سائحون أي صائمون ومنه قوله تعالى: {الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ} [التوبة:112] وإنما قيل للصائم سائح؛ لأن الذي يسيح في الأرض متعبدًا يذهب ولا زاد له فحين يجد الزاد يطعم والصائم يمضي نهاره ولا يطعم شيئًا فشبه به.
قوله: «وعثًا» هو التعب والمشقة.
قوله: «كآبة المنظر وسوء المنقلب» الكآبة الحزن، والمنقلب المرجع وذلك أن يعود من سفره حزينًا كئيبًا، أو يصادف ما يحزنه في أهل ومال، والمنظر من أهله وماله.
قوله: «الحور بعد الكور» الحور النقصان، والكور بالراء المهلمة: الزيادة من تكوير العمامة يعني من الانتقاص بعد الزيادة والاستكمال ويروى الكون بالنون مصدر كان يكون كونًا من كان التامة أي التغيير بعد الثبات والاستقرار.
قوله: «دينك وأمانتك» جعل دينه من الودائع لأن السفر يصيب فيه المشقة والتعب والخوف فيكون ذلك سببًا لإهمال بعض الأمور المتعلقة بالدين فدعا له بالمعونة والتوفيق فيها، وأما الأمانة هاهنا فهي أهل الرجل وماله ومن يخلفه.
قوله: «خواتيم عملك» خواتيم العمل آخره جمع خاتمة.
قوله: «كلمات الله التامة» وصف كلماته تعالى بالتمام إذ لا يجوز أن يكون شيئًا من كلامه ناقصًا، ولا فيه عيب كما يكون في كلام الآدميين وقيل معنى التمام هاهنا أن ينتفع بها المتعوذ من الآفات.

.[8/67] باب الفوات والإحصار وأحكامهما

3342 - عن عكرمة عن الحجاج بن عمرو الأنصاري قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى، قال: فذكرت ذلك لابن عباس وأبي هريرة فقالا: صدق» رواه الخمسة وحسنه الترمذي وأخرجه أيضًا ابن خزيمة والحاكم والبيهقي. وفي رواية: «وعليه الحج من قابل» وفي رواية لأبي داود: «من عرج أو كسر أو مرض» وفي رواية لأحمد: «من حبس بكسر أو مرض».
3343 - وعن ابن عمر كان يقول: «أليس حسبكم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن حبس أحدكم طاف بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم يحل من كل شيء حتى يحج عامًا قابلًا فيهدي أو يصوم إن لم يجد هديًا» رواه البخاري والنسائي.
3344 - وفي رواية للبخاري من حديثه ابن عباس قال: «قد أحصر النبي - صلى الله عليه وسلم - فحلق وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر عامًا قابلًا».
3345 - وعن عمر بن الخطاب «أنه أمر أبا أيوب صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهناد بن الأسود حين فاتهما الحج فأتيا يوم النحر أن يحلا بعمرة، ثم يرجعا حلالًا، ثم يحجا عامًا قابلًا ويهديا، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله» رواه "الموطأ" والبيهقي.
3346 - وعن ابن عمر أنه قال: «من حبس دون البيت لمرض، فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت» رواه "الموطأ" من طريق ابن شهاب عن سالم عنه.
3347 - وعن ابن عباس أنه قال: «لا حصر إلا حصر العدو» رواه الشافعي في "مسنده" والبيهقي بإسناد صحيح وصحح الحافظ إسناده.
3348 - وعن عائشة قالت: «دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب فقالت: يا رسول الله! إني أريد الحج وأنا شاكية! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: حجي واشترطي إن محلي حيث حبستني» متفق عليه، وفي رواية لهما: «حجي واشترطي وقولي: مَحِلي حيث حبستني».
3349 - وفي رواية من حديث ابن عباس وقال: حسن صحيح «قالت: يا رسول الله! إني أريد الحج أفأشترط؟ قال: نعم، قالت: كيف أقول؟ قال: قولي لبيك اللهم لبيك محلي من الأرض حيث تحبسني» وفي رواية للنسائي: «فإن لك على ربك ما استثنيت» وقد تقدم حديث عائشة وما في معناه في باب الاشتراط في الإحرام وإنما أعدناه هنا لكونه من أحاديث الإحصار.
3350 - وعن المِسْوَر في حديث عمرة الحديبية والصلح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من قضية الكتاب قال لأصحابه: «قوموا فانحروا ثم احلقوا» رواه أحمد والبخاري وأبو داود وللبخاري عن المسور «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك».
3351 - وعنه قال: «قلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الهدي فأشعره بذي الحليفة وأحرم منها بالعمرة وحلق بالحديبية في عمرته وأمر أصحابه بذلك ونحن في الحديبية قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك» رواه أحمد.
3352 - وعن ابن عباس قال: «إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ فأما من حبسه عدو و غير ذلك فإنه حل ولا يرجع، وإن كان معه هدي وهو محصر إن كان لا يستطيع أن يبعث به، وإن استطاع أن يبعث به لم يحل حتى يبلغ الهدي محله» رواه البخاري، وقال: قال مالك وغيره ينحر هديه ويحلق في أي موضع كان ولا قضاء عليه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه نحروا وحلقوا وحلوا من كل شيء قبل الطواف وقبل أن يصل الهدي إلى البيت، ثم لم يذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أحدًا أن يقضوا شيئًا، ولا يعودوا له والحديبية خارج الحرم.
قوله: «من كُسر» بضم الكاف وكسر السين، وعرج، بفتح العين المهملة والراء أي أصابه شيء في رجله وليس بخلقة فإذا كان خلقة قيل عرج بكسر الراء.
قوله: «بالتلذذ» بالمعجمتين وهو الجماع.
قوله: «عدو» بفتح العين المهملة وضم الدال وفي رواية: عذر بضم العين بعدها ذال معجمة ساكنة آخره راء مهملة.

.أبواب الهدايا

.[8/68] باب ما جاء في إشعار البدن وتقليد الهدي

3353 - عن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بذي الحليفة ثم دعا ناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيسر وسلت الدم عنها وقلدها نعلين ثم ركب راحلته فلما استوت به على البيداء أهل بالحج» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي، وفي رواية لأبي داود: «ثم سلت الدم بيده» وفي رواية: «بإصبعه» وللنسائي: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشعر بدنه من الجانب الأيمن وسلت الدم عنها وقلدها».
3354 - وعن المسور بن مخرمة قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة في بضع عشرة مائه من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة» رواه أحمد والبخاري وأبو داود.
3355 - وعن عائشة قالت: «فتلت قلائد بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أشعرها وقلدها ثم بعث بها إلى البيت فما حرم عليه شيء كان له حلالًا» متفق عليه.
3356 - وعنهما «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدى مرة إلى البيت غنمًا فقلدها» رواه الجماعة.
قوله: «أشعرها» الإشعار: هو أن يكشط جلد البَدَنَة حتى يسيل الدم ثم يسلته فيكون ذلك علامة كونها هديًا.
قوله: «قلائد بدن رسول الله» زاد البخاري في روايته: «من عِهْن كان عندي».

.[8/69] باب النهي عن إبدال الهدي المعين

3357 - عن ابن عمر قال: «أهدى عمر نجيبًا فأعطي بها ثلاثمائة دينار فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إني أهديت نجيبًا فأعطيت بها ثلاثمائة دينار فأبيعها وأشتري بثمنها بدنًا، قال: لا، انحرها إياها» رواه أحمد وأبو داود والبخاري في "تاريخه" وابن حبان وابن خزيمة في "صحيحيهما".
قوله: «نجيبًا» النجب من الإبل القوي الخفيف السريع.

.[8/70] باب البقرة والبدنة عن سبع شياة

3358 - عن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاه رجل فقال: إن عليَّ بدنة وأنا موسر ولا أجدها فأشتريها فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبتاع سبع شياة فيذبحهن» رواه أحمد وابن ماجه ورجاله رجال الصحيح، وقد أعل بعدم سماع عطاء من ابن عباس.
3359 - وعن جابر قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة» متفق عليه، وفي رواية قال: «نحرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة» رواه مسلم، وفي رواية لأبي داود عنه: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «البقرة عن سبعة والجزور عن سبعة» وفي رواية لمسلم: «كنا نتمتع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - البقرة عن سبعة نشترك فيها» وفي لفظ: «قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اشتركوا في الإبل والبقر كل سبعة في بقرة» رواه البرقاني على شرط الصحيحين وفي رواية قال: «اشتركنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج والعمرة كل سبعة منا في بدنه، فقال رجل لجابر:نشترك في البقر ما نشترك في الجزور، فقال: ما هي إلا من البدن» رواه مسلم.
3360 - وعن حذيفة قال: «شرك النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجته بين المسلمين في البقر عن سبعة» رواه أحمد، قال في "مجمع الزاوئد": ورجاله ثقات.

.[8/71] باب ما جاء في ركوب الهدي

3361 - عن أنس قال: «رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يسوق بدنه فقال: اركبها، قال: إنها بدنة! قال: اركبها ثلاثًا» متفق عليه.
3362 - وعن أبي هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يسوق بدنة فقال: اركبها، فقال: إنها بدنة! فقال: اركبها، قال: إنها بدنة! قال: اركبها، ويلك في الثانية أو الثالثة» أخرجاه
وللبخاري قال: «لقد رأيت راكبها يساير النبي - صلى الله عليه وسلم - والنعل في عنقها» ولمسلم نحوه، وقال فيه: «بدنة مقلدة».
3363 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يسوق بدنة قد أجهده المشي، فقال: اركبها، قال: إنها بدنة! قال: اركبها، وإن كانت بدنة» رواه أحمد والنسائي وقد روي هذا الحديث من طرق ضعفها الحافظ في "الفتح".
3364 - وعن جابر «أنه سئل عن ركوب الهدي، فقال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: اركبها بالمعروف إذا لجيت إليها حتى تجد ظهرًا» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
3365 - وعن علي «أنه سئل يركب الرجل هديه، فقال: لا بأس به قد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمر بالرجال يمشون فيأمرهم بركوب هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ولا تتبعون شيئًا أفضل من سنة نبيكم» رواه أحمد، قال في "الفتح": إسناده صالح، وقال في مجمع الزوائد: في إسناده محمد بن عبد الله بن أبي رافع وثقه ابن حبان وضعفه جماعة.

.[8/72] باب الهدي يعطب قبل محله

3366 - عن أبي قُبَيْصَة ذويب ابن حلجان قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعث معه بالبدن، ثم يقول: إن عطب منها شيء فخشيت عليها موتًا فانحرها، ثم اغمس نعلها في دمها، ثم اضرب به صفحتها ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه.
3367 - وعن ناجِية الخزاعي وكان صاحب بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قلت كيف أصنع بما عطب من الإبل قال: انحره واغمس نعله في دمه واضرب صفحته وخلِّ بين الناس وبينه فليأكلوا» رواه الخمسة إلا النسائي وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم في هدي التطوع، انتهى. وأخرجه أيضًا ابن حبان والحاكم.
3368 - وعن هشام بن عروة عن أبيه «أن صاحب هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله! كيف أصنع بما عطب من الهدي؟ قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كل بدنة عطبت من الهدي فانحرها ثم ألق قلائدها في دمها، ثم خل بين الناس وبينها يأكلونها» رواه مالك في "الموطأ" ولم يسم الرجل وهو ناجية شيخ عروة.

.[8/73] باب الأكل من دم القران والتمتع والتطوع

3369 - في حديث جابر الطويل: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثة وستين بدنة بيده، ثم أعطى عليًا فنحر ما غبر وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها» رواه أحمد ومسلم.
3370 - وعنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج ثلاث حجج، حجتين قبل أن يهاجر وحجة بعدما هاجر ومعها عمرة فساق ثلاثًا وثلاثين بدنة، وجاء عليَّ من اليمن ببقيتها فيها جمل لأبي لهب في أنفه بُرَة من فضة فنحرها، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كل بدنة ببضعة فذبحت وشرب من مرقها» رواه الترمذي وقال: غريب، وابن ماجه وقال: «جمل لأبي جهل».
3371 - وعن عائشة قالت: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لخمس بقين من ذي القعدة ولا نرى إلا الحج، فلما دنونا من مكة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن معه هدي إذا طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يحل، قالت: فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت: ما هذا، فقيل نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه» متفق عليه وهو دليل على جواز الأكل من دم القران؛ لأن عائشة كانت قارنة على الصحيح من الأقوال.
قوله: «برة» بضم الباء الموحدة وفتح الراء المخففة هي حلقة تجعل في أنف البعير.

.[8/74] باب ما جاء في تجليل الهدي والصدقة باللحوم والجلود والجلال والنهي عن بيعها

3372 - عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بدنة وأتصدق بلحومها وجلودها وجلالها وأن لا أعطي الجازر منها شيئًا وقال: نحن نعطيه من عندنا» متفق عليه.
3373 - وعن أبي سعيد أن قتادة بن النعمان أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تبيعوا لحوم الهدي والأضاحي وكلوا وتصدقوا واستمتعوا بجلودها ولا تبيعوها، وإن أطعمتم من لحومها شيئاً فكلوا أنى شئتم» رواه أحمد قال في "مجمع الزوائد": إنه مرسل صحيح الإسناد.
3374 - وعن نافع «أن ابن عمر كان يجلل بدنه القباطي والأنماط والحلل، ثم يبعث بها إلى الكعبة فيكسوها إياها» وفي رواية: «أن مالكًا سأل عبد الله بن دينار: ما كان عبد الله بن عمر يصنع بجلال بدنه حين كست الكعبة هذه الكسوة؟ فقال: كان يتصدق بها» أخرجه "الموطأ".

.[8/75] باب من جاء أن من بعث بهدي لم يحرم عليه شيء بذلك

3375 - عن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهدي من المدينة فأفتل قلائد هديه ثم لا يجتنب شيئًا مما يجتنبه المحرم» رواه الجماعة، وفي رواية: «أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة أن ابن عباس قال: من أهدى هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه، فقالت عائشة: ليس كما قال ابن عباس أنا فَتَلت قلائد هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - بيدي، ثم قلدها بيده، ثم بعث بها مع أبي، فلم يحرم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء أحله الله له حتى نحر الهدي» أخرجاه، وفي رواية لهما: «ثم أشعرها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقلدها وبعث بها إلى البيت، فما حرم عليه شيء كان له حلالًا» وفي رواية لهما: «كنت أفتل القلائد للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فيقلد الغنم ويقيم في أهله حلالًا» وللحديث ألفاظ.
3376 - وقد ورد ما يعارض هذا الحديث فأخرج أحمد والبزار من حديث جابر قال: «كنت جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقدَّ قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه، وقال: إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتُشْعر على مكان كذا فلبست قميصي ونسيت، فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي» وقال في "مجمع الزوائد": رجال أحمد ثقات، وفي طريق أخرى قال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وللنسائي من حديث جابر «أنهم كانوا إذا كانوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بعثوا بالهدي فمن شاء أحرم ومن شاء ترك».